التأثير الدرامي للموسيقى في الفلم السينمائي
لا تقتصر الموسيقى، حالياً، على الغناء فقط، وإنما دخلت القطاعات كافة، وأبرزها السينمائي، حيث يعتبر بعض النقاد أن الموسيقى التصويرية التي تصاحب الأفلام، تمثل فعلياً، نصف الصورة، على الرغم من أن عدداً كبيراً من المشاهدين لا يلقون بالاً للموسيقى التي تصاحب المشاهد، خصوصاً إذا كانت من نوعية “الأكشن”، ولكن يبقى لهذه الموسيقى، في النهاية، حضورها وأهميتها وانعكاساتها على النفس، بغض النظر عن مدى درجة الاهتمام بها.
تشكل الموسيقى جزءاً مهماً من حياة الإنسان، إذ دخلت في الكثير من تفاصيل حياته، وباتت تمثل انعكاساً لحالاته النفسية المتعددة. وانسحب ذاك الواقع لينطبق على الأفلام السينمائية، إذ باتت الموسيقى تمثل جزءاً مهماً من تركيبتها الفنية، وكذا تعبر عن حالات الصعود والهبوط في المشاهد السينمائية، وأيضاً تعكس الحالة النفسية للممثل.
ويجد المدقق في عالم السينما والموسيقى، أن العلاقة بينهما متجانسة تماماً، وأنه لا يمكن لأي طرف الاستغناء عن الآخر، على الرغم من أن الموسيقى في البداية، تسللت باستحياء إلى السينما، لتنخرط بعدها، وبقوة، في تركيبتها.
برزت شخصيات مهمة جداً في افلامنا العربية ، مثل عمر إسماعيل مؤلف الموسيقى التصويرية لأفلام “واحد من الناس”، و”آسف على الإزعاج”، و”أعز أصحاب”. وكذلك راجح داود الذي وضع الموسيقى التصويرية لأفلام: “الصعاليك”، “أرض الخوف”، “رسائل البحر”.
وأيضاً ياسر عبدالرحمن واضع موسيقى فيلمي “ناصر 56″ و”أيام السادات”. ولا يمكن في الوقت ذاته، إغفال أسماء مبرزة في هذا الجانب، مثل : حلمي بكر، عمار الشريعي، هاني شنودة، عمر خيرت. فهؤلاء لعبوا دوراً في تأليف موسيقى تصويرية رائعة، لا تزال تعيش بيننا حتى اليوم.
وفي تاريخ السينما العربية نجد أن الأفلام الغنائية ازدهرت كثيراً على يد محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، قطبي الغناء العربي منذ الثلاثينات في القرن الـ20، وتواصلت فيما بعد، على يد عدد من المطربين والمطربات، منهم: عبدالحليم حافظ، محمد فوزي، فريد الأطرش، أسمهان، هدى سلطان، شادية، وردة، ونجاة الصغيرة، وصباح، وفيروز، وفايزة أحمد، وكارم محمود، ومحرم فؤاد.
واشترك في تلحين أغنيات هذه الأفلام عشرات الملحنين، وأبرزهم: محمد القصبجي، زكريا أحمد، محمد عبدالوهاب، رياض السنباطي، فريد الأطرش، محمد الموجي، كمال الطويل، محمد فوزي، منير مراد، بليغ حمدي. كما أدى ظهور السينما إلى انحسار نشاط المسرح الغنائي بطريقة غير مباشرة، وذلك نتيجة اتجاه المنتجين إلى استثمار أموالهم في السينما، والتي تعد أكثر ربحاً، إلى جانب أنها تؤدي الدور ذاته الذي يقوم به المسرح الغنائي، وتستحوذ على جمهور أكبر.
المتتبع للحركة السينمائية في الوطن العربي سيجد أنها تضم أيضاً الأفلام الاستعراضية التي اهتمت بتقديم الغناء في قالب حركي راقص، غالباً تشترك في أدائه مجموعات صوتية وحركية، إلى جانب المطرب الفرد، ونظراً لموقع الاستعراض المبهر من الفيلم حاول ملحنوه تقديم ألحان تناسب الحركة المطلوبة لتشارك في عملية جذب الجمهور.
وهذا النوع من الأفلام ساعد على ظهور ألحان موزعة بشكل أوركسترالي، بالإضافة إلى التخفيف من قيود الألحان التقليدية باتجاه أكثر انفتاحاً على الموسيقى الغربية وتحديداً الإيقاعات الخفيفة.
وقد برز في التلحين الاستعراضي، محمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبدالوهاب، وأيضاً منير مراد وفريد الأطرش. وإلى جانب هذا النوع من الأفلام، ظهرت أفلام أفردت مساحة كبيرة للموسيقى الراقصة، وتم التركيز فيها على الطبلة والرقص الشرقي، وبدت هذه الموسيقى كصناعة ترويجية للفيلم، أكثر من اللمسة الفنية التي يحتاجها.
الموسيقى الفلمية التي لا يفترض بالمرء أن يسمعها. إنها ذلك النوع الذي يساعد على ملء المواضع الفارغة كفترة توقف أثناء محادثة مثلًا، إن أكثر ما يكرهه مؤلف الموسيقى هو نجاحه في تحويل موسيقى ذات قيمة فعلية ضئيلة إلى أخرى مفعمة في الفيلم، ولكن، ومع ذلك، فهو يشعر برضا خاص عن نفسه.. إنها تعطي للمشهد بعداً إنسانياً، ويعتبر ساوهني من أكثر الموسيقيين غزارة في التأليف للسينما والتلفزيون والمسرح، وأعد الموسيقى التصويرية لأكثر من 40 فيلماً سينمائياً وتلفزيونياً، كما أنتج 8 ألبومات استوديو، ورشح لعدة جوائز فاز بالعديد منها.